فصل: الآية الرابعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الآية الرابعة:

{وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)}.
{وَالْبُدْنَ}: قرأ ابن أبي إسحاق بضم الباء والدال، وقرأ الباقون بإسكان الدال وهما لغتان.
وهذا الاسم خاص بالإبل وسمّيت بدنة لأنها تبدن. والبدانة: السمن.
وقال أبو حنيفة ومالك: إنه يطلق على غير الإبل.
والأول للأوصاف التي هي ظاهرة في الإبل ولما تفيده كتب اللغة من اختصاص هذا الاسم بالإبل. وقال ابن كثير في تفسيره: واختلفوا في صحة إطلاق البدن على البقرة على قولين، أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعا كما صح في الحديث.
{جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ}: أي أعلام دينه.
{لَكُمْ فِيها خَيْرٌ} أي منافع دينية ودنيوية.
{اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ} أي على نحرها.
ومعنى {صَوافّ}َ: أنها قائمة قد صفنت قوائمها لأنها تنحر قائمة معقولة. وأصل هذا الوصف في الخيل، يقال: صفن الفرس فهو صافن إذا قام على ثلاث قوائم وثنى الرابعة.
وقرأ الحسن والأعرج ومجاهد وزيد بن أسلم وأبو موسى الأشعري: {صوافي} أي خوالص للّه لا يشركون به في التسمية على نحرها أحدا.
وواحد {صواف} صافة وهي قراءة الجمهور، وواحد {صوافي} صافية.
وقرأ ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبو جفر محمد بن علي، {صوافن} بالنون جمع صافنة: وهي التي قد رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب ومنه قوله تعالى: {الصَّافِناتُ الْجِيادُ (31)}.
{فَإِذا وَجَبَتْ} الوجوب السقوط، أي فإذا سقطت بعد نحرها.
{جُنُوبُها} وذلك عند خروج روحها.
{فَكُلُوا مِنْها} ذهب الجمهور إلى أن هذا الأمر للندب. وكذا قوله: {وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} وبه قال مجاهد والنخعي وابن جرير وابن شريح.
وقال الشافعي وجماعة: هو للوجوب.
واختلف في {القانع} من هو؟ فقيل: هو السائل. وقيل: هو المتعفف عن السؤال المستغني ببلغة. ذكر معناه الخليل، وبالأول قال زيد بن أسلم وابنه وسعيد بن جبير والحسن، وروي عن ابن عباس. وبالثاني قال عكرمة وقتادة.
وأما {المعتر} فقال محمد بن كعب القرظي ومجاهد وإبراهيم والكلبي والحسن: إنه الذي يتعرض من غير سؤال وقيل: هو الذي يعتريك ويسألك.
وقال مالك: أحسن ما سمعت أن القانع الفقير، والمعتر الزائر.
وروي عن ابن عباس أن كلاهما الذي لا يسأل ولَكِن القانع الذي يرضى بما عنده ولا يسأل والمعتر الذي يعترض لك ولا يسألك. كَذلِكَ: التسخير البديع.
{سَخَّرْناها لَكُمْ} فصارت تنقاد لكم إلى موضع نحرها فتنحرونها وتنتفعون بها، بعد أن كانت مسخرة للحمل عليها والركوب على ظهورها والحلب لها ونحو ذلك.
{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: هذه النعمة التي أنعم اللّه بها عليكم. اهـ.

.قال السايس:

من سورة الحج:
قال اللّه تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا البائس الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}.
ينبغي قبل تفسير هذه الآيات أن نبيّن حكمة الحجّ، وتاريخ مشروعيته فنقول:
أ- حكمة الحج: لعلّك تكون في حاجة إلى إطالة القول في بيان الحكمة في شرح الحج، والسرّ الذي من أجله كتب اللّه هذه الفريضة على المسلمين، بعد ما عملته في دراساتك السابقة في هذا الشأن، وإذا فيكون تعرّضنا هنا لشيء من هذا البيان إنما نقصد به التذكير على وجه الإجمال، بما سبق لك من التفصيل.
شرع اللّه الحج إلى بيته الكريم لمنافع عظيمة تعود على المسلمين في دينهم ودنياهم:
1- فمناسك الحج من أعظم مظاهر الخشية والإخلاص للّه في الذكر والدعاء والعبادة.
2- وهي كذلك دلائل على التجرّد من زينة الدنيا، وبواعث على عدم التعلق بشهواتها وزخرفها.
3- وهي بواعث على الرحمة والإحسان، والعدل والمساواة، إذ يكون الناس هناك في مستوى واحد، لا فرق بين أمير ومامور، ولا بين غني وفقير.
4- هذا إلى ما يعود على سكان مكة، وجزيرة العرب، والناس جميعا من المنافع المعيشية والتجارية، وما يتهيأ لهم هناك من الاجتماع والتعارف، والاتفاق على ما ينهض بالمسلمين في جميع بقاع الأرض.
ب- تاريخ مشروعية الحج: أما تاريخ مشروعيته فأنت تعلم أنّه كان مفروضا في زمن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والآيات التي معنا من أقوى الدلائل على ذلك.
فإذا قلنا: إن فرضيته باقية لم تنسخ في عهد نبي بعده كانت الأوامر الواردة به في شريعتنا تأكيدا لهذه الفرضية، وإذا علمت أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قد حجّ حجتين قبل الهجرة، وحج بعد الهجرة حجة الوداع في السنة العاشرة، علمت أنّ أولى هذه الحجات وقعت عن فريضة الإسلام.
وإن قلنا: إن فرضيته قد نسخت بعد سيدنا إبراهيم، كان وجوبه علينا ثابتا بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] إذ هي الآية الصريحة في هذا الوجوب.
وأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] عام الوفود على الراجح، وهذا العام هو الذي قدم فيه وفد نجران على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وصالحهم فيه على الجزية، ومعلوم أنّ مبدأ مشروعية الجزية كان عام غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، وعلى هذا يكون مبدأ فرضية الحج في السنة التاسعة، وتكون الحجتان اللتان فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك نافلتين، تطوّع بهما على دين سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ولقائل أن يقول: فلما ذا لم يبادر النبيّ صلى الله عليه وسلم بأداء الحج في تلك السنة، وهو أفضل الخلق، وأسبقهم إلى الخيرات، وأسرعهم إلى تأدية فرائض اللّه، وكيف يرسل أبا بكر ليحج بالناس، ويؤخر هو حجته إلى السنة التي بعدها؟
والجواب على ذلك أنه رؤي أن الوقت الذي خرج فيه أبو بكر ليحج بالناس كان زمن النسي ء، ولم يكن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه السماوات والأرض حتى تعود عشر ذي الحجة إلى مركزها الحقيقي من السنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنها ستعود إلى مركزها الحقيقي، وينضبط نظام السنين القمرية في السنة العاشرة فتأخر النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى السنة العاشرة كان لحكمة عظيمة، كي يقع حجّة الذي سيكون منهاجا للناس جميعا في الوقت الحقيقي الذي فرض اللّه على الناس أن يقوموا فيه بتلك الشعيرة، وليس على أبي بكر ولا على غيره ممن كانوا معه من حرج في حجهم في ذلك الوقت ما دام أمر الزمان لم يتقرر بعد.
ونعود إلى التفسير:
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ الأذان} والتأذين الإعلام برفع الصوت على نحو ما يكون للصلاة. والمراد هنا النداء في الناس بأنّ اللّه قد كتب عليهم الحجّ، ودعاهم إلى أدائه.
{رِجالًا} جمع راجل، كقيام جمع قائم، أي ماشين.
و{عَلى كُلِّ ضامِرٍ} الضامر النحيف الهزيل، والمراد به هنا الهزيل من مشقة السفر {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} يأتين صفة لضامر، لأنه لما دخلت عليه أداة العموم صيّرته بمعنى ضوامر. والمعنى: وعلى ضوامر يأتين. والفج أصله الطريق بين الجبلين، ثم استعمل في الطريق الواسع مطلقا. وتوسّع فيه حتى صار يستعمل في طريق.
والعميق أصله البعيد أسفل، أي بعيد القاع، فاستعمل في البعيد مطلقا، {لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ} المراد بالمنافع ما يصيبون من خير الدنيا والآخرة:
فخير الدنيا ما يصيبون من لحوم الذبائح، وأنواع التجارات، وما تكون في ذلك الاجتماع العظيم من التعارف، وأما خير الآخرة فهو ما يؤدون من تلك الشعائر التي هي سبب رضوان اللّه عليهم، وشهودها حضورها ونيلها.
{فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ} قيل: هي عشر ذي الحجة. وقيل: هي العاشر واليومان بعده، وقيل: والثلاثة بعده.
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} قيل: المراد بذكر اسم اللّه حمده وشكره والثناء عليه، وعلى حينئذ للتعليل.
واختار الزمخشري أنّ ذكر اسم اللّه على البهيمة كناية عن ذبحها، وعلى حينئذ للاستعلاء، والبهيمة في الأصل اسم لكل ما له أربع قوائم، والمراد بها هنا ما يكون من الإبل والبقر والغنم.
{البائس الْفَقِيرَ} البائس من أصابه بؤس وشدة. والفقير المحتاج، سواء أكان له بلغة من العيش أم لا.
{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} التفث القذر والوسخ، وقضاؤه إنهاؤه وإزالته، والمراد ما ينشأ عنه التفث من طول الشعر والأظفار.
{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ النذر} ما التزمه الإنسان من أعمال البر.
{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} العتيق الكريم، ومنه عتاق الإبل والخيل كرائمها، أو هو القديم، لأنّه أول بيت وضع للناس، أو هو العتيق بمعنى المعتق المتحرر من تسلط الجبارين واستيلائهم، فلا يريده أحد بعدوان إلا رده اللّه عنه، وجعل عاقبة بيته السلامة والحفظ.
المعنى: يأمر اللّه تعالى نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد ما فرغ من بناء البيت بأن ينادي في الناس، ليعلمهم أنّ اللّه قد كتب عليهم الحج إلى هذا البيت العتيق، ليدركوا فيه منافع وخيرات كثيرة، تعود عليهم في دينهم ودنياهم، ويؤدّوا شعائر اللّه، ويذكروا اسمه الكريم على الذبائح التي يذبحونها شكرا للّه على توفيقه إياهم وإرشادهم إلى ما يصلحهم، وأنه لا حرج على أصحاب تلك الذبائح أن يأكلوا منها، بل ينبغي لهم أن يواسوا الفقراء والبائسين، وأن يشاركوهم في الأكل منها، ولا يترفّعوا عليهم، وأنه يجب عليهم أن يتحلّلوا من قيود الإحرام متى فرغوا من المناسك الواقعة قبل الطواف، وأنه يجب عليهم أيضا أن يوفوا بما التزموه بالنذر من ذبح وغيره. وأن يطوفوا بالبيت طواف الإفاضة، أو طواف الوداع على ما قيل.
قد يقال: إنه لم يكن حول الكعبة حينذاك أحد يسمع نداء سيدنا إبراهيم، فكيف يؤمر بهذا النداء الذي يذهب في الفضاء؟
والجواب أن اللّه سبحانه وتعالى قد أيدّ رسله بالمعجزات الخارجة عن مجرى العادات، فهو سبحانه قادر على أن يوصل صوت إبراهيم إلى من يشاء في تلك النواحي البعيدة، والأصقاع المترامية.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: لما فرغ إبراهيم عليه الصلاة والسلام من بناء البيت قال: ربّ قد فرغت، فقال: أذّن في الناس بالحج. قال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال تعالى: أذّن وعليّ البلاغ. قال: رب كيف أقول، قال: قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه أهل السماء والأرض، ألا ترى أنهم يجيبون من أقصى البلاد، يلبون.
على أنا نشاهد اليوم آلات الإذاعة تنشر الأصوات في جميع بقاع الأرض، فلا تحجزها جبال، ولا تضعفها بحار ولا قفار، فمن يشاهد هذه الحقائق التي يستطيعها كل من يزاول علومها، لا يمكنه أن يكابر في معجزات الأنبياء.
هذا، وقيل إنّ المخاطب بالتأذين والدعوة إلى الحج هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه أمر بذلك حينما عزم على الحج في السنة العاشرة من الهجرة، وأن نظم الآية مع التي قبلها لا يأباه. إذ المخاطب في قوله تعالى قبل هذه الآية: {وَإِذْ بَوَّأْنا لِإبراهيم مَكانَ الْبَيْتِ} هو النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون المعنى حينئذ: واذكر يا محمد إذ بوأنا لإبراهيم، وأذن في الناس بالحج، ولَكِنك ترى أنّ في الآية الأولى أوامر ونواهي كلها متوجهة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فالظاهر أنّ الأمر بالتأذين أيضا لإبراهيم، إذ الغرض من تطهير البيت إعداده للطائفين والقائمين والركع السجود، فيكون دعاؤه الناس بعد ذلك للحج متناسبا غاية التناسب مع إعداد البيت وتطهيره.
وبعض العلماء ردّ احتمال توجيه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن سورة الحج مكية، فنزولها قبل حجة الوداع بالضرورة، فلا يستقيم أن يكون المأمور بالدعاء هو النبي صلى الله عليه وسلم.
ولَكِن هذا الردّ ينهار متى علمت أنّ الراجح هو أن سورة الحج مدنية، ما عدا آية: {وما أرسلنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى} وثلاث آيات بعدها، كما هو مروي عن قتادة، وفي رواية، عن ابن عباس أنّ السورة كلها مدنية، وهو قول الضحاك أيضا.
ما في الآيات من الأسرار:
إذا كان الغرض من دعاء الناس للحج أن يأتوا إلى البيت الحرام، فالسرّ في العدول عن ذلك إلى التعبير بالإتيان إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه هو الداعي، والقدوة لهم فيما يكون بعد.
وقوله تعالى: {وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ} كلمة كل فيه للتكثير لا للإحاطة، على حد قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] والسر في ذلك إفادة أن الركبان الآتين من الأماكن البعيدة يكونون كثيرين جدا، حتى كأنّهم يمتطون جميع الضوامر.
{لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ} نكّرت المنافع لإفادة عظمتها وكثرتها، أو التنكير فيها للتنويع.
{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} اختير هذا الأسلوب مع أنّ الذبح هو المعدود من مناسك الحج، كالذبح للمتعة والقران، ليفيد أن ذكر اللّه وحده خالصا من شوائب الشرك هو المقصود الأعظم، وتوسيط الرزق لبعثهم على الشكر والتقرب بتلك القربة، والتهوين عليهم في الإنفاق، وفي قوله تعالى: {فَكُلُوا } إلخ التفات إليهم بالخطاب، ليؤكّد لهم إباحة الأكل من تلك الذبائح، فلا يتحرّجوا من ذلك، وليبعثهم على مشاركة البائسين والفقراء ومواساتهم.